في 18 أبريل 2025
إلى: وزير النقل واللوجستيك
إلى: مدير السلطة المينائية طنجة المتوسط
إلى: السلطات المغربية المعنية
وإلى كل من يهمه الأمر.
بينما يواصل جيش الاحتلال الصهيونيّ حربه الإبادية على قطاع غزة، وتُستخدم طائرات F-35 لقصف الفلسطينيين والتدمير المنهجيّ للمستشفيات والمدارس وجميع المرافق الحيوية. تتجه أنظارنا الآن نحو ميناء طنجة المتوسط، حيث من المنتظر أن ترسو سفينة Maersk Detroit في الساعات الأولى من 21 أبريل 2025 محمّلة بمعدات عسكرية ضرورية لاستمرار آلة الحرب الصهيونية.
نضع اليوم هذه المعطيات أمام الجهات المختصة، لدفعها إلى تحمّل مسؤوليتها واتخاذ موقف واضح بشأن قانونية وأخلاقية السماح بمرور هذا النوع من العتاد العسكري عبر الموانئ المغربية.
وفق معطيات دقيقة ومؤكدة، من المتوقّع أن ترسو سفينة الشحن Maersk Detroit فجر يوم 21 أبريل 2025، في ميناء طنجة المتوسط 2، لإنزال حاوية تحمل شحنة كبيرة من أجهزة تحليل الأسطح (Surface Analysts)، وهي أجهزة أساسية لصيانة طائرات F-35 القتالية، وتُعدّ ضرورية للحفاظ على قدرتها القتالية والتدميرية.
الجدير بالذكر أن أسطول جيش الاحتلال يضم 42 طائرة F-35، تُستخدم حاليًا في قصف قطاع غزة، ويُعدّ جهاز تحليل الأسطح (Surface Analyst) المذكور عنصرًا أساسيًا في صيانتها، إذ يُستخدم لترميم الطلاء الخفي وإصلاح الهياكل المركّبة، ولا يمكن إعادة الطائرة إلى الخدمة بدونه. تشير البيانات الفنية إلى أن كل طائرة F-35 تتعرض لخلل تقني بعد حوالي 11 ساعة من الطيران، وتتطلّب 4.4 ساعات صيانة لكل ساعة تحليق، ما يعني أن طائرة واحدة من الأسطول تتعطل كل أسبوعين تقريبًا، ويصبح من المستحيل تشغيلها من دون صيانتها من خلال تدخل تقني يستعمل بالضرورة هذه الأجهزة.
لذلك، تُعد شحنة أجهزة تحليل الأسطح هذه، التي يتوقع مرورها عبر ميناء طنجة المتوسط، حلقة حاسمة في تغذية آلة الإبادة الصهيونية، ما يجعل من السماح بدخولها تورطًا مباشرًا في تمكين جرائم الحرب بحق الفلسطينيين.
هذه الشحنة، التي يُتوقّع استقبالها في ميناء طنجة المتوسط، ليست شحنة فردية أو صغيرة، بل هي حاوية ضخمة بطول 5.9 أمتار وسعة 33.2 مترًا مكعبًا (رمز الحاوية: CAAU2253429)، مصدرها منشأة Lockheed Martin في فورت وورث، تكساس، وستبقى ليومين في الميناء قبل أن يُعاد شحنها بتاريخ 22 أبريل على متن سفينة Nexoe Maersk، التي يُتوقع رسوّها بتاريخ 18 أبريل في ميناء الدار البيضاء، على أن ترسو لاحقًا في ميناء طنجة لتستلم الشحنة. بعد ذلك، ستُبحر بالحاوية المذكورة نحو ميناء حيفا، ومن هناك تُنقل برًّا إلى قاعدة نيفاتيم الجوية، حيث تُشغّل شركة Lockheed Martin وحدة صيانة تقنية خاصة بأسطول الطائرات الحربية التابعة للجيش الإسرائيلي.
هذه ليست مجرد شحنة “معدات تقنية”، إنها شريان رئيسي يُبقي الطائرات القاتلة في الجو، ويطيل أمد المجازر في حقّ الشعب الفلسطينيّ المحاصر في غزة.
لم نفاجأ بتصريحات منسوبة إلى مسؤولين بميناء طنجة المتوسط، نُشرت عبر وسائل إعلام وطنية، والتي تتنصل من المسؤولية، إذ تزعم أن إدارة الميناء “غير مطّلعة على محتوى الحاويات”، وأنه “مجرد نقطة عبور ضمن عملية إعادة الشحن”. تفتقر هذه التصريحات إلى الحد الأدنى من المسؤولية والمصداقية، ولا تُعفي من التورط الأخلاقي والقانوني، في ظل معطيات علنية ومعروفة:
– مصدر الشحنة: منشأة Lockheed Martin، المزوّد الرئيسي لطائرات F-35.
– وظيفة محتويات الشحنة: أجهزة Surface Analyst المُخصصة لصيانة طائرات F-35 المستخدمة في القصف، على متن حاوية رمزها CAAU2253429، محمّلة على متن سفينة Maersk Detroit .
– الوجهة معلنة: قاعدة نيفاتيم العسكرية في دولة الاحتلال.
– السياق واضح ومثبت دوليًا: الشحنة تمر وسط حرب إبادة موثقة من الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية.
نحن، وإلى حين صدور توضيح رسمي من السلطات المختصة بشأن هذه الشحنة، نؤكّد من خلال هذه الرسالة المفتوحة على ما يلي:
رفضنا القاطع تسهيل نقل أي عتاد عسكري يُغذّي آلة الإبادة الصهيونية عبر الموانئ المغربية، وعلى رأسها سلسلة توريد طائرات F-35، أو أي عتاد عسكري آخر، بما في ذلك القطع ذات الاستخدام المزدوج.
مطالبتنا السلطات المختصة بالتحقيق الفوري في محتوى الحاوية رقم CAAU2253429، التي ستصل إلى ميناء طنجة المتوسط على متن سفينة Maersk Detroit، وذلك بالاعتماد على الوثائق الجمركية والتصريحات الإلزامية التي تُدلي بها كل سفينة قبل الرسو.
مطالبتنا بمنع تفريغ أو إعادة شحن هذه الحاوية، بل رفض رسوّ Maersk Detroit في ميناء طنجة المتوسّط، وكذلك Nexoe Maersk التي ستليها لتكمل شحن الحمولة، ومثيلاتها في المستقبل، على غرار ما فعلت الحكومة الإسبانية. لأن السماح بهذه العملية يعدّ دعمًا مباشرًا لجيش الاحتلال الصهيونيّ، وتورطًا مباشرًا في تسهيل مرور معدات عسكرية تُستخدم في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطينيّ.
مطالبتنا بوقفٍ فوريّ لكل أشكال التعاون العسكريّ والأمنيّ واللوجستيّ والتجاريّ مع دولة الاحتلال، انسجامًا مع قرارات محكمة العدل الدولية، ومع موقف الشعب المغربي الرافض للتطبيع.
إن هذه اللحظة تمثل منعطفًا تاريخيًا في مسار النضال من أجل فلسطين، ومحطة مفصلية تكشف عمق التواطؤ الدولي والمحلي في استمرار جريمة الإبادة الجماعية في غزة. كما أنها لحظة اختبار حقيقي لمواقف من بيدهم القرار، وفرصة لتأكيد إرادة الشعوب الحرة في فرض حظر عسكري شامل على دولة الاحتلال، التي تواصل ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية باستخدام أسلحة تُورّد عبر الموانئ والبنى التحتية الدولية، ومنها ميناء طنجة المتوسط.
